الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008

الأربعاء، 20 أغسطس 2008

حدثهم عنها

حدثهم عنها

جالس ذات مساء مع أبي ، نتجاذب أحاديث عن الناس والأقوام والمذاهب والملل والاتجاهات والآراء ، وآل الكلام عن الوهابية ، قال أبي : اسمع هذه القصة التي حدثت معي ، سأروي لك بشرط أن تقصص ماسأحكيه على أقرانك في المدرسة وفي الحارة ..
كنت في إحدى البلاد الإسلاميةِ شعوبُها .. لإنهاء بعض الأعمال التجارية وبينا أنا أمشي في شوارع بل بأزقة ذلك السوق الشعبي القديم ، وسط المدينة العريقة عراقة التأريخ ، إذ بشيوخ جلوس أمام حانوت (دكان) كبيرهم وقد مضغتهم الحياة بمصائبها وأحوالها المتداولة بين عز وذل واستعمار واستقلال ، ورمتهم على تلك الهيئة المتجعدة .
مررت بجانبهم وألقيت تحية المسلمين ، ردوا السلام وكلهم أعين تنظر لقلة رؤيتهم للزي الذي ألبسه ، بادروني بكلمات ترحيب .. تفضل .. أشرب شاي معنا ،نظرتهم وإذ بي أجد بعد بحث سريع في صفحات أعينهم شغفاً لمعرفة شيء ما مجهول في صدورهم ودوا لو سألوا عنه ورووا عطشاً قديماً في فكرهم وثقافتهم البسيطةكالبسيطة التي هم عليها .
أجبت الدعوة وجلست ، أتوا بالشاي وبدأت أرشف وأرمقهم مصغياً لما يقولون .. قالوا كلاماً كثيراً وسألوا عن أحوال إخوانهم المسلمين .. كل هذا الحديث بيتوه مقدمةلذلك السؤال الذي يسأله كثير من الشباب المريدين للحق ويسأله بعض مقدمي البرامج خبثاً وتلبيساً على الناس غير تاركي الوقت الكافي للفهم والإيضاح .
ماالوهابية التي بدأت في الجزيرة العربية وانتشر نورها في العالم ؟!! لأي شخص تنسب ؟!! وماهي أسسها ومبادئها ؟ هل هي حركة دينية أو صحوة من رقدةتهدف لإرجاع الناس إلى دينهم ؟ بعد الاسئلة المتلهفة بدأت تتقافز إلى عقلي معلومات وضعتها في العقل الباطن ، أخذت أفكر في مثال قريب من أذهانهم يختصر عليّ كلاماً كثيراً ، بعد توفيق اللهسبحانه نظرت حولي وإذ بجدار باهت اللون متكسر الجوانب ، قريب من مجلسنا الثقافي الحافل بالود والتآلف والسكينة والسكون والانتظار لما سيقوله هذا الضيف الكريمالمتوشح بالصمت الرهيب الذي لم يدم إلا برهات .. قلت : لو أن جداراً كجدار المسجد الذي ترون ، هو جدار قائم وأساسه ثابت لكنه أتى عليه الزمن بسنينه فبهت لونهوتكسرت جوانبه ونقب فيه وكتب عليه عبارات لاتليق .. ثم أتى شخص استقبح أن يرى جدار المسجد مشوهاً بهذه الصورة ، فنادى أهل السوق : يارجال إن هذا الحائط قد أساءمنظر المسجد فلنعمل على إصلاحه ، سنهتم به وبالمسجد ، لن ننتظر حتى يسقط مسجدنا ، وبدأ بالعمل وساعده على ذلك أهل السوق ، هذا أتى بالتراب وذاك بالماء وآخر بالإسمنت وآخر بالصبغ وآخر بأدوات البناء وعكفوا يصلحون حتى أتموه وزينوه لكن رهط قليل من ساهموا معه في البناء ونالهم من الكلوم والتعب حتى عرف الناس أهمية المسجد الذي هجروه وصاروا يعتنون به كله ويحافظون على صلواتهم وذكرهم ويجاهدون في حياتهم بعدما كانوا غير شاعرين بعظم الصلاة والدين ، هذا الذي نادى أهل السوق بإصلاح الجدار كالشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- لمّا شبّ وقد أخذ بحظ وافر من العلم ، رأى حال المسلمين كحال قريش مكة قبل البعثة وعزم على ان يصلح مااستطاع إلى ذلك سبيلاً حتى بارك الله في دعوته وعلمه واتحد العلم مع السيف في إزاحة الظلام القائم وآتت الشجرة الطيبة أكلها اليانعة حلوة نضرة بإذن ربها ، ولكن بعد جهاد وتضحية وبذل وعطاء من أجل سلامة العقيدة من كل شائبة تشوبها في نفوس أتباعها ، ولاغرابة أن الشر يناهض الحق والحق يناضل عن بروجه الباسقة ، فهذه سنة الله سبحانه في هذه الدنيا ، وهو في هذا كله لم يأت بدين جديد كما يخيل للبعض وإنما هو مجدد كما أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه على رأس كل مئة عام يأتي مجدد يجدد للناس مااختفى وطمس من أمردينهم .
أنهيت حديثي وشكرتهم على الاستماع والحفاوة ثم نهضت مودعاً ، ألحوا عليّ بإقامة حق الضيافة لكني اعتذرت بالشغل الذي أتيت من أجله فلا وقت لدي ..


أ. حمود الباشان

hm555mh@hotmail.com

الخميس، 14 أغسطس 2008

عنده حلاوة !!!!

عنده حلاوة ؟!!! الجزء الأول


اقتربت الشمس من الانتهاء من عملها هذا اليوم وقامت تسير لدارها وترسل ابتسامات للناظرين لها قبل دخولها لبيتها ، ومعاودة العمل في الصباح الجديد ، لكنها رأت بطريقها مشهداً دهشت منه وصارت تتعوذ من الشر وأهله وتسأل الله ألا ترى مثله أو أقوى كي لايموت احساسها بمحبة الناس ، إن صارت الأحداث تكلم قلبها المتفائل كل مرة حتى تقتله ولتبتسم في وجه كل من يراها وتبعث في نفسه الحب والعمل والحركة والإعمار والعيش .
يممت الشمس لبيتها ذابلة الوجه ، قسطلية الملامح ، مجهدة القوى ، تمشي بخطى وئيدة ، لاتنوي الوقوف عند أي من المحلات الواقفة على جنبات الطريق حتى تذكرت بنياتها الجميلات ووقف في خيالها تقافزهن لمجيء أمهن أولاً ومحملة الجعبة آخراً ، وقفت مترنحة من شدة الإعياء وسألت بائع الحلوى المتجول ، كم الحلوى عندك ياعم ؟ رد عليها : بكذا من النقود .
اشترت منه ومشت خطوات وأحاطها الإرهاق من كل جوانبها ، قررت أن تجلس قليلاً على عتبات الرصيف لينجلي التعب وتكمل طريقها ، أعجبها منظر الأطفال حول عربة البائع ، تلك الحلوى التي تمثل للطفل الكثير مما نظن أو نتخيل فهي المثير الذي لاينتهي وهي المورد الأساسي للمرح واللذة ودغدغة الروح ، أما الحب الأول للمثلجات ..
صارت تنظرهم وهم يلعبون ، لم يحسوا بوجودها لهدوئها ، والبائع منشغل بزبائنه فلما انتهى لاحظ أن أحد الأطفال لم يشتر منه كعادته وهو يرحمه دائماً لفقره ويعطيه من الحلوى في آخر عمله عند الغروب ، انحنى البائع قائلاً : خذ ياولدي بالهناء والشفاء .. أخذ الطفل الفقير طيب الأخلاق هادئ الطبائع بعدما شكره على كرمه : تسلم ياعم ، في تلك اللحظات الإنسانية كان هناك طفل بهندام جميل ولبس باهض لكنه (شاطر) ، سرق من العربة قدراً لابأس به من الحلوى وأعطاه صديقه المشابه له بطبائعه الشريرة والشبيه بدوره يوزّع على الأطفال ، وتغافل الشاطرُ البائعَ وأعطى الطفلَ الطيبَ حلاوةً ، واستدار حيث وجه البائع وقال : ياعم ، الولد الذي أحسنت إليه وأعطيته حلاوة سرق منك !! لقد سرق حلاوة !! من أين أتى بالثانية ؟!! وكيف سرق وأعطى الأطفال ؟!! انظر كل الأولاد معهم حلوى !! لابد أن عنده حيل عظيمة يمكر بها عليك ويستغفلك وأنت تحسبه طيب الخصال وهو خبيث ..
شكّ البائع وحاول تذكر شكل البضاعة وهل فعلاً سرق منها ، والحلوى التي مع الأطفال ، هي التي اشتروها قبل قليل أم انها جديدة ؟! شك بنقص الحلوى لكنه لاحظ أن بعضهم قد مضغ الحلوى التي معه ولم يبق معه شيء وهو الآن يحمل حلوى ولم يشتر منه بعد الشراء الأول ، ولم يكن بقرب العربة سواه والطفل الفقير ، أخذ البائع الحلوى التي كانت مع الطفل الفقير وتركه دامع العينين مقهور الفؤاد يلعن الطفل الآخر (الشاطر) ويشتمه .. علم البائع أنه سُرِقَ وقال في نفسه : لو كان الكلام غير صحيح فلن أدع الأطفال تضحك عليّ بأنهم يستطيعون السرقة مني مع علمي بأمانة الطفل الفقير ، لكن سأربي الطفل السارق ولكن بطريقتي . سأعلمه درساً لن ينساه ..
جاءت الشمس مسرعة بعدما ارتاحت وقالت : ياعم ، لو سمحت أريد أوضح لك القضية .. هذا الولد الشقي وأشارت للص هو الذي سرق وأنت حانياً ظهرك تشفق على الولد الفقير وتعطيه حلاوة وأخذ جزءاً كثيراً وأعطى أمثاله وأعطى الطيب ليمكر بك ، ويكون مصدر ثقتك فيما بعد وأراك ترحمه وتظلم الولد الفقير وهو بريء من كل التهم .
البائع أظهر غضبه على الشمس في عزة بالإثم وقال : هذا شأن خاص بي وببيعي ولاشأن لك أنتي ، وهؤلاء الأطفال مثل أولادي وسأعرف من سرق ومن هو بريء منها ، عموماً شكراً لك ، وأرجو ألا تتدخلي في المرات اللاحقة ، حاولت الشمس تلم وجهها المتورد خجلاً لكنها سكتت ، مالذي تقوله لرجل أحمق ومضت لبيتها !!!
جلس الطفل الطيب يبكي وينوح ومرّ به الطفل (الشاطر) جذلاناً فرحاً بعدما أعطاه الرجل البائع حلاوة ، لأنه أخبره عن اللصوص وشكره أيضاً ، وقال الشاطر : من قال لك أن الصدق أو النقاء والطيبة يطعمنك خبزاً هذه الأيام ..
رد عليه الصادق : ومن قال لك بأن الكذب والزيف طويلة حبائلهما ولن تتقطع يوماً ما ، وقد تكون قريباً ، الله يمهل ولايهمل ياشاطر ..

انتهى الجزء الأول من القصة ويتبعه جزء قريباً إن شاء الله
حمود الباشان
يوم طالب جامعي (بلا تعليق)
في زحمة الأيام والوقت يداهمك فلا تستطيع فعل شيء , في تلك اللحظات تحس بقيمة الوقت بل تحس بقيمة الثواني واللحظات , تجري سريعا لتنهي أعمالك قبل الفوات وتغضب حين يأتيك شخص يريد أن يحادثك ويستأنس معك وتقول في نفسك : أوووووه ما الذي أتى به في هذه الساعة ألا يذهب ويشغل نفسه بأي شيء ولو حتى بقراءة قصص أفضل من إشغال الآخرين .
تبدأ بالترحيب والمجاملات وتجلس تحادثه تاركاً أشغالك وتحتسبها مسامرة ضيف ، يمضي الوقت الساعة تلو الساعة حتى يصل إلى الواحدة فإذا به يقول : أعذرني إن سببت لك ضيقاً أو أزعجتك في زيارتي وأنت ترد مطأطأ الرأس متعب الجسم منتفخ العينين : بالعكس ياأخي آنستنا وشرفتنا ؛ ينهض من مكانه يريد المغادرة فإذا بك تقفز كالمجنون ، إلى أين تذهب يافلان ؟؟!! الليل في أوله وتحلف عليه بأن لايذهب وبكل وقاحة مايفعل إلا أن يبتسم ويقول : أريدك أن تصوم ثلاثة أيام ، تصبح على خير وتبذل قصارى جهدك في أن يبقى ولايفعل .
تتركه يذهب وإذا أنت منهك لاتستطيع أن تقرأ ولاحتى سطراً واحداً ، تتجه إلى الغرفة لابساً ثياب النوم متمدداً على الفراش في إغفاءة ثم نومة سريعة ، تفتح عينيك وإذا بالساعة السابعة والربع فلا صلاة فجر ولاهم يحزنون ، تصلي سريعاً وتذهب إلى الإختبار مرتبكاً خائفاً وتحس حينها بالخيبة والندامة على تفريطك .
تأتيك الأسئلة بعدما يجف ريقك وتتصبب عرقاً لعدم وجود مكيفات في القاعة ، وبعدما يصب عليك الدكتور وعلى الطلاب سيلاً من الصرخات والكلمات البذيئة وكأنك **** ـ أكرمكم الله ـ جالس أمامه ، تتحلى بالصبر مع ابتسامة صفراء لئلا يحيلك إلى مجلس تأديبي . تأتيك الأسئلة ودفتر الإجابة وتمسك بالأسئلة في يد واليد الثانية على رأسك .
تقرأ ولا تفهم شيئا ثم تقرأ مرة أخرى وثالثة ورابعة ثم تستدعي الدكتور ليقرأ لك بعض الأسئلة التي تضنها في تخصص غير تخصصك ، تمسك برأسك المتورم وتدلك عينيك تبحث في ذاكرتك ولا تجد شيئا يكتب .
بعدها تستعين بالله وتبدأ تقعد قواعد ونظريات جديدة لم يسمع بها لا المشرق ولا المغرب وتتذكر كلام صديقك حينما قال لك : لاتدع الورقة بيضاء بل املأها ولو بكلام فارغ ، فإن بعض الدكاترة يكتفي بنظرة إلى ورقة الإجابة فإن هي امتلأت بالحبر فقد حالفك الحظ (أي أخيه أكتب حتى تكل يدك) سَلّمها مبتسماً ابتسامة المنتهي من عمل شاق كان يظنه لاينتهي .
رجع إلى البيت ودخل غرفته ثم أغلق بابها وراح في نومة هنيئة ليذاكر ليلا مع ضيف جديد...
حمود الباشان
hm555mh@hotmail.com

هل تغير الشيخ ؟!!!
مجالس الصالحين .. جنان الله في الأرض ، يحبر كل من دخلها ، هي عبق للنفوس وزاد للارواح ، ترتقي فيها العبارات وتموت في سوائها الشهوات والشبهات ، كأنها الماء للسمك والهواء للإنسان ، عدو الله لايفرح بها ويحاول بكل سبيل أن يفرق الجمع ويستفرد بالفرد .
وأنا جالس في إحداها ، تفاجأ عقلي وأنا أسمع من شاب ينبض وجهه فتوةً حينما قال : لقد تغير الشيخ !!! عدت إلى عقلي بعد أن انتفض وهدأته لمّا كاد أن يطيش ، فلما سكن عقلي من زئيره أخذ يسألني : أهذا الشاب يعرف الشيخ حق المعرفة قبل الأحداث التي يسردها وبعدها ؟!! أهو بمنزلة الشيخ في العلم والفقه والحلم ، حتى ينتقده ؟!!! أعاش مع الشيخ لحظة بلحظة مع كل حيثيات حياته وعصره ؟!!! هل الشيخ باح له بخواطره حتى يحكم عليه ؟!! ثم هو لم يبرر لماذا تغير الشيخ وهل تغير الشيخ فعلاًًًًً ؟!!! هل قرأ كل ماكتب وسمع كل كلامه حتى يحكم عليه بالتغير ؟ أم أنه يسمع من أناس يحسبهم علماء وهم لم يتجاوزوا ماجاوزه الشيخ من العلم لدقائق العلوم وعظيمها ، ثم لنفرض أن الشيخ تغير وأنت ياشاب لم تكن ناقداً وتريد معرفة شيء عن الشيخ ، ماذا تفعل ؟! رددت لعقليبـ(لاأعلم) فرد سريعاً : يقرأ ماقاله علماء الأمة في هذا العالم وليس لشيخ واحد أو اثنين ، فلن يجتمع العلماء على تبديع أو تفسيق أي شخص كان إلا وهو مستحق لذلك وظاهرة لديهم الحجج ومستوفٍ شروطَ التبديع ... ويروي حب المعرفة لديه .
-حسناً اسمح لي ياعقلي أن أسألك سؤالاً جوهرياً ؟-حسناً اسأل .-لماذا بعض شباب الامة يلتفون حول مايظنون أنهم رموز وهم ليسوا كذلك ؟ لماذا لايتجه الشباب إلى الرموز الحقيقيين الذين يعملون بعلمهم ولايخافون في الله لومة لائم .-أنا سأجيبك عن السؤال ولكن أجب عن أسئلتي سريعاً واذهب إلى الشاب في مكان تكونان وحدكما وانصحه بلفظ لطيف لايخالطه شيء للنفس والهوى وخوّفه من خطر كلامه على السامعين ، لأن الناس إذا فقدوا الثقة بعلمائهم ضلّوا ، انصحه حتى لاتموت شعيرة النصيحة التي تقوم اعوجاج الناس وتقيمهم على اتباع الدين ، فالدين النصيحة ...
حمود الباشان
hm555mh@hotmail.com

لاتقتل البسة !!!

لاتقتل البسة !!!



رجعت بأهلي إلى البيت بعد تسوق متعب وشاق ونحن في آخر أيام رمضان والناس مكتظة في المحلات وكأنهم لالباس لهم ولاتحوي بيوتهم العشرات من الملبوسات لكنها للأسف ذهب وقتها بانقضاء زمن الموضة !!! وأنا أتساءل لماذا لايتسوق هؤلاء البشر في بداية الشهر ؟!!!
اكتظت سيارتي بالأنفاس وتجمع بخار الزفير والتصق بزجاج السيارة وأحدث عازلاً طليّاً لايُرى من خلاله ، هذا يتأفف من الضيق وتلك تصرخ من الضغط على ركبتها ، والأم تندب حظها لموافقتها للمجيء إلى السوق مع بناتها اللاتي بقين حائرات أمام الأزياء الجديدة والموديلات الحديثة كعادتهن ، وأنا لاأزال أُصبّر نفسي لئلا أنفجر غضباً طوفانياً وأبوء بسخط ربي أولاً ثم بسخط أمي ثانياً ...
ونحن بهذا الجو المشحون وأمي تصبّر أخواتي الصغيرات بأننا سنصل قريباً ، وهي تستغل بعض المواقف التي مرت بها في السوق لتلطف الجو الساخن من التأفف والشكوى ولتنبه بناتها ببعض الممارسات الخاطئة من قبل بعض الفتيات في السوق لتقول : رأيت فتاة ساذجة غِرّة تمشي وهي تتلفت يمنة ويسرة ولاتعبأ بكلماتها وحركاتها ، وهذا قد يشجع بعض الشباب لمغازلتها أو إطلاق كلمات سافلة حقيرة تعبّر عن حبهم كما يدّعون ، وذلك الطفل الضائع الذي خلع قلبي من شدة بكائه وقد اغرورقت عيناه بدموعه وصراخه الحاد ، حتى وجدته أمه المفجوعة بفقد ولدها ، ولثمته وضمته إلى صدرها وأخذت تبكي فرحاً في تراجيديا عجيبة ، وذلك البائع الحقير المستميل لقلوب الفتيات بألفاظ ترحيب بالبداية تتلوها عبارات جذابة رومانسية تستميل القلوب الخاوية فتتمكن ، حتى هزأته وجعلت منه فأراً نجساً يضحك منه الناس .
بعدما اقتربنا من البيت قالت أخواتي : خالد اشتري لنا بطاطس (حرّاق) وعصيراً غازياً ، هدأت من سرعة السيارة ، وأوقفت عند محل المواد الغذائية قائلاً : هيا انزلن واشترين ماتشتهينه ... وتحركنا نحو البيت وأنا لم أكن أقود السيارة بسرعة عالية ، وفجأة خرجت قطة من بين الشجر بين الطريقين ، وهي تجري جرياً سريعاً ... صرخت أمي بي منبهةً إياي لئلا تجعلها العجلات جثة مبعثرة الأشلاء والدماء وأنا منتبه لها مغيّراً اتجاه السيارة وكابحا لفراملها ، وقد مرقت برشاقة من تحت السيارة حتى وصلت للجهة المقابلة ، أما نحن شربنا شمس العصر الفاقعة في ليل بهيم من خوفنا من قتل هذه الكبد الرطبة والكائن اللطيف مع ماتفعله بنات جنسها من أذى ونجاسة للبيوت ونقل المرض لمن يعتني بهن ، لم نكن نعيش بالدول المتقدمة كما يقولون حتى نحترم القوانين غصباً عنا خصوصاً حقوق الحيوان ولايهمّنا كل مايقولونه ولانهتم له بقدر مانهتم لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلماته التي جاءت رحمة للبشر كل البشر بل كل الكوائن ، هذا عطفنا على الحيوان فهل يعطفون هم على الإنسان في العراق وفلسطين وأفغانستان ، نحن من نستحق بحق كل جوائز العطف على الحيوان والإنسان ، هل توافقني الرأي ؟!!



حمود الباشان

hm555mh@hotmail.com

غط عورتك لو سمحت

غط عورتك لو سمحت
في يوم صائف شديد الحرارة كأني أنا وأصحابي بسيارتنا ، نمشي في فرن كبير يغطي الأرض كلها ، فكّرنا في أن نذهب للمسبح لنتبرد ونلعب وبعد مداولات قصيرة للفكرة ذهبنا ، ودخلنا المسبح وتهيأنا بسرعة وبقفزة واحدة ولجنا في عمق الماء .
بدأنا نتحدى بعضنا وقال الأول : أنا أسبح أحسن منك ، وقال الثاني : لا .. أنا أجيد العوم والسباحة على الظهر ، وقال الثالث : بل أنا ماهر في القفز من أعلى .. وبينا نحن على هذا ، كأني لاحظت منظراً غريباً وجديداً على بيئتنا الإسلامية ، اختلست نظرة حول الاتجاه المطلوب فرأيت شخصاً جالساً على كرسي . بين برهة وأخرى ، يرسل تعليمات للذين يسبحون ، خمنت أنه معلم السباحة هنا لكني عجبت من لبسه الحاسر عن فخذين رشيقين أملسين .
قفزت أسبح يميناً وشمالاً ، سطحاً وعمقاً مستمراً بالتفكير في أمر الرجل ، وأخذت أتساءل : ماالفائدة من إبداء العورة في غير ضرورة ؟!!! وهل هناك ضرورة في إظهارها في المسبح ؟!! كيف أحادثه في الموضوع وأي باب أطرق ؟ ... الحمد لله ، هديت إلى تسلسل منطقي أحسست فيه بعض الحكمة والموعظة الحسنة التي وصانا الله تعالى الدعوة بها في كتابه الكريم .
بعدما انهيت تفكيري السريع ، انطلقت إليه سباحة حتى صرت أمامه مباشرة ، سلمت عليه طليق المحيا وبادلني التحية والإبتسامة .. أخذت أسأله عن بعض الأشياء الموجودة حولنا وأحادثه عن فنون السباحة حتى صار حيزاً من الأنس والمرح بيني وبينه ثم دخلت إلى موضوعي الذي جئت من أجله ، قلت له : إذا سمحت لي أريد أن أسألك سؤالاً ؟ قال : تفضل . قلت : إذا جاءك أحب إنسان عندك قد تفضل عليك بأياد كثيرة وتستحي رفض أي شيء يطلبه منك ، لنقل أحب صديق ، جاء بقميص (هدية)وقال : أحب أن تلبسه في عرس فلان غداً ، هل سترفض طلبه ؟ قال : لا !!! هذا طلب بسيط ، لن أرفضه بل سألبسه مسروراً . قلت : نحن معاشر المسلمين هناك رجلله فضائل علينا وأياد الله وحده القادر على مجازاته ، علمنا بعد جهل ونصرنا الله به بعد ذل وهو أحب إلينا من أنفسنا وكل شيء نملكه ، حدّ لنا حدوداً من الله تعالى لانتعداها ومن تعداها فقد ظلم نفسه ، حدد لنا حدود العورة عند الرجال وحذّرنا من المعاصي وتتبعها ومنها العورة ، فالله كره للإنسان التعري حتى ولو كان خالياً ، فكيف وهو في حضرة رجال ، هل ترضى أن تعصي أمر حبيبك ؟!!! قال : أعوذ بالله ... أستغفر الله ... وقام ثم أتى بقطعة قماش معه وغطّى بها مابدى من عورته ، وقال : ياأخي جزيت خيراً ، ياليت كل الناصحين يأتون بكلام لين وأسلوب بديع وهمهم النصح لله لا لشيء في نفوسهم ولعلنا نكون ناصحين لبعضنا حتى وإن كنا عصاة ، ابتسمت وارتخيت أسبح على ظهري قريباً منه ، وهو واجم على كرسيه يفكر بما قيل له ثم أقبل على أصحابه بوجهه يحدثهم بما سمع من كلام قد عجب منه فؤاده .
أخذ ينظر لي ويتابعني بناظريه معجباً وممتناً وكأنه يقول : شكراً لك أخي ، بهذا تكون النصيحة ، وأنا رحت أستمتع مع أصحابي حتى إذا اتنهينا وتهيأنا للخروج من المسبح جاءني وكله لطف وكرم وحب وقال : أنا المدرب سيد حسن عبدالحميد ، تشرفت بمعرفتكم ؟!!!... رددت عليه : محمد أحمد الخالد ، وأنا كذلك . قال : لاتحرمنا من كلامك العذب وأسلوبك الجميل ، اعتبر المسبح ومدربه تحت أمرك ، وهذا كرتي فيه أرقامي وعناويني ، ياليتك تشرفنا بالبيت .
شكرته على لطفه وطيب أخلاقه ووعدته بالزيارة إن شاء الله ، ركبنا السيارة والشباب لايعلمون إلا أني أحب العلاقات الاجتماعية وأسعى لها .
حمود الباشان