السبت، 26 ديسمبر 2009

سأظل أحبك

سأظل أحبك


جئتُ للوجود ولم أعرفك إلا بعد حين ، لكنك عرفتني مذ نزلت من الرحم واحتضنني ترابك الطاهر طهر القمر السابح في نهر الخلود .

رحت أنظر في عينيك لأتعرف عليك ولأعرف عنك كل شيء ، عن الماضي والحاضر وما ستفعله في المستقبل ، عرفتُ أنك الأنقى والأجمل ، أدركتُ أنك لو تركوني الناس لقلة في يدي لم تتركني ، ولو عافني الناس أو ظلموني لانتصرت لي منهم .

وأنا كذلك لا أحب أن أسمع كلمة سوء واحدة في حقك ، بل سأهلك الدنيا كلها من أجل أن طرفك قد وطأه أحدهم ، وأكثر من ذلك ! إنك لو شتمتني وضربتني وقسوت عليّ ومزقت فؤادي .. أظل أحبك وأنشد فيك أشعاري وأتلو ترانيمي ، وأُعلّم أولادي أن يحبوك وأن يكونوا فداءً لك في كل وقت ومكان ، ولا ينتظرون أحداً يرغِّبهم في حبك ، لأنك كيانهم ورمز وجودهم بين الناس .

لا أطيق صبراً البتة عنك وأنا الصبور عند المصائب والمُلِمَّات ، كيف أصبر وأنا إن ابتعدت عنك أصابني الذل وقلّ قدري عند البشر .. كيف أصبر وقد فارقت تلك البيوت والشوارع المبتهجة بالناس الطيبين ، وفارقت الأهل والخلان الذين لن أجد في الأرض مثل صفاء قلوبهم ورحابة صدورهم ..

أحبك يا وطني .. أحبك من أعماق قلبي ، لكن لا تجفو عليّ بنسيان همومي وآمالي ، لا تدع أحداً يتعدى على قيمي ويتهكّم بمقدساتي ، ولا ترخي العنان لمن يسرقون خيراتي ، ولا أن يفسدون أخلاقي ، لا تنسني وأنا صاحب العائلة الكبيرة وليس عندي دخل إلا راتب التقاعد الذي لا يسد إيجاراً ولا يأتي بمؤونة ، لا تهمّش نداءاتي وأنا العاطل الذي ينتظر وظيفة ترفعه عن الأرض قليلاً ولا يشترط راتباً مرتفعاً ، لا تتغافل عني إن كنت مريضاً ولم أجد سريراً في مستشفيات بلادي التي تعالج الآخرين وبدني يئن أسقاماً .

يا وطني .. عاقب المخطئين ممن ينتسبون إلى الوطن سواء أكانوا داخل الحدود أم خارجها ، وضعاء كانوا أم شرفاء ، ولا تُشغِل جميع سُلطاتك من أجل الإرهاب الذي انخمدت ناره ولو رجع لكان وقته قصيراً كوقت تشظّي قنبلة وسكونها ، والأفراد المنتمين له أقل من عدد لاعبي فريق الهلال مع احتياطه وتنسى الفساد العام والفساد الإداري وفساد النخبة وفساد المترفين ، وتنسى المفسدين في فكر الناس وعقولهم من شتى التيارات الفكرية وأدلجتهم وفق مخططات الأعداء .

عززّ وحفّز واشكر أبنائك يا وطن .. المواطنين الصالحين العاملين منهم والمبدعين ، يا وطني لدي الكثير في صدري لأبوح به ولكن هل تظن حبيباً يبوح لأحدٍ يشبه حبيبه فضلاً عن أن يبوح لغير حبيبه ، كن معي لأكون معك بل أمامك في وقت محنتك ورخائك وأبقى أحبك ويظل حبي لك سرمدياً بعد الله ، هكذا يكون الحب متوازناً .


أ. حمود الباشان
hm555mh@hotmail.com